الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009

حدث في مثل هذا اليوم


دائماً نتذكر أحداث وقعت في مثل هذا اليوم ولكنها دائماً أحداث عامة
ولكني اليوم تذكرت واقعة خاصة وإن كانت ترتبط بذكرى الانتصار العظيم في السادس من أكتوبر
في مثل هذا اليوم كنت جندي مجند في الكتيبة مدرعة رقم 00 وهي إحدى كتائب اللواء رقم 00 مدرع وهو ضمن الفرقة رقم 00 وهي جزء من الجيش الثاني.
كنت جندي إشارة مكلف بالخدمة على تحويلة التليفونات في الكتيبة. وكان موقع الكتيبة واللواء في منطقة أبو صوير . ولكنها إنتقلت الان وتحولت الصحراء التي كنا فيها إلي أرض زراعية جميلة.
بالطبع كانت التليفونات في غاية السوء مقارنة باليوم بل نستطيع أن نقول أنه لم يكن هناء شيء إسمه تليفونات بالمعنى المعروف اليوم داخل الجيش. وخاصة في كتائب المدرعات لأن الدبابات دائما تتلف الأسلاك التي تكون ممتدة على الأرض.
وبدأ هذا اليوم من مساء اليوم السابق له.
كان ضمن ضباط الكتيبة أحد الضباط حديث التخرج . وكان يرى أنه في درجة فوق درجات البشر فما بالكم من جندى مجند يعتبر هو أقل شيء في الجيش.
دق جرس التليفون ورفعت السماعة فوجدت سيادته.
* إديني يا إبني هذا الرقم في الزقازيق.
* إبنك ؟؟ طبعاً أحدث نفسي . تمام يافندم.
* كنت أعرف أن هذا رقم خطيبته
وأرجو أن تلاحظوا أن المطلوب هو الاتصال بشبكة الاتصالات الأهلية عن طرق الشبكة العسكرية وهذه عملية معقدة جداً.
المهم لم ينجح الاتصال
اتصل مرة اخرى.
* فين يا عسكري الزقازيق
* يا فندم الاتصال صعب ومش نافع الآن ولكننا نحاول.
* حاول بسرعة
* تمام يافندم
وبرضو لم ينجح الاتصال.
إتصل مرة أخرى وهو في قمة العصبية.
* فين يا ................. المكالمة. طبعاً النقط كانت شتيمة. حسب قاموس سيادته المثقف.
* يا فندم وأنا ذنبي إيه؟
* أنا جاي عندك يا إبن ............ أشوف إزاي المكالمة مش نافعة
* تحت أمرك يافندم.
ثم جلست أفكر في غضب كيف أنتقم من هذا الضابط الغير مؤدب.
أيضاً ماذا يحدث لو نجح الاتصال معه. أكيد سوف يعاقبني بغباء.
وبسرعة إتصلت ببدالة اللواء . وهذا أول باب نطرقه في أثناء محاولة الاتصال بالشبكة الأهلية. وكنت أعرف الخدمة في بدالة اللواء. وشرحت لهم الموقف . وطلبت منهم مراقبة الاتصال فإن نجح يفصلوه من عندهم.
وبالفعل جاء حضرة الملازم أول . وقام هو بالاتصال. وظل يحاول . وأخيراً قال أيوه يا حبيبتي .............. ملعون أبو الميري. وفهمت أن الاتصال نجح ولكن بدالة اللواء قاموا بالواجب.
وذهب لحاله.
ونمت أنا.
وفي تمام الساعة الثانية قبل الفجر . ضرب التليفون.
رفعت السماعة وقلت ألو.
* إنت رقم 00
* نعم يا فندم
* خليك معايا
* تمام يافندم
وظل سيادته نصف ساعة ينادي على الكتائب . وفي النهاية بدأ يلقي علينا نص الاشارة من وزير الحربية.
ونتيجة أنه يقرأ بسرعة . ولم أتمكن من ملاحقته . إدعيت أن الخط فصل . حتى لا أعطي تمام إستلام الاشارة. وظل ينادي يا رقم 00 ولم أرد عليه. ثم فصلت الاتصال . وأتصلت بأحدى الكتائب وصححنا لبعضنا الاشارة . ثم دخلت عليه مرة أخرى وأعطيت التمام.
وكانت عبارة عن تهنئة من الوزير بذكرى السادس من أكتوبر.
وحتى اليوم لا أعرف ما الداعي لهذا التوقيت.
وتوالت اشارات التهنئة بعدها من رئيس الاركان ثم قيادة الجيش الثاني وهكذا.
في الصباح كانت الكتيبة في أجازة بالطبع ( والأجازة في الجيش تعني أنه لا يوجد طابور تمام الصباح . ولا توجد تدريبات في هذا اليوم . ولكن الخدمة ليس لها أجازة . وأنا دائماً في خدمة على البدالة. سواء كان أجازة أو لا
في الساعة العاشرة إتصل عقيد ......... من قيادة اللواء.
* ألو مين معايا
* يحي يا فندم
* إزيك يا يحي
* ربنا يخليك لنا يا فندم
* إديني قائد الكتيبة
* قائد الكتيبة في أجازة يا فندم
* مين القائم مقامه
* رائد ............. يا فندم
* خلاص حولني عليه
* تمام يا فندم
وقمت بتحويل الاتصال على الرائد .................... فرد العسكري ( المراسل )
وقال أنه نائم
يا عم صحيه
لالا مقدرش أصحيه
طيب أعمل أيه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
المهم فتحت الخط مع العقيد وقلت مش عارف ليه يا فندم لا يرد أحد.
قال روح له خليه يتصل على
تمام يا فندم
واغلق الخط
وحاولت مرة اخرى مع مراسل الرائد ورفض ايضا ان يوقظه.
رجعت لمحل خدمتي ولكنه عاود الاتصال
* فين يا ابني الرئد ...............
* فقلت له في الطابور يا فندم
* طابور أيه النهارده أجازة
* مش عارف ولكن أنا شايف طابور
* طيب خليه يتصل عليّ
* تمام يا فندم
ووقعت في حيرة شديدة ماذا أفعل
الرائد نايم . والعقيد خلاص إنفعل.
فلو أخبرته أن الرائد نائم . ربما يعتبرني الرائد أشي به . ولو أيقظته ربما يغضب ويعاقبني.
*المهم عاود العقيد الاتصال وهو منفعل... أنا مش قلت خلي الرائد ............ يتصل بي.
* يا فندم صرف الطابور وبيمر على السراي
وهنا فتح سيادته قاموس السفالة وتلاه علي بالكامل ( والحق أنني لم أغضب ) فلو كنت مكانه كنت عملت كده . ولكنه ختم كلامه ( أنت محول لمكتب قائد اللواء )
* ولم أقول غير تمام يافندم
ولا أنكر أنني فقدت كل إتزاني . فأنا الآن أنتظر السجن حتما. ولا أملك أي حل.
وظللت هكذا حتى الساعة الثالثة بعد الظهر. أكاد أبكي من الموقف الذي أنا فيه.
في الساعة الثالثة وجدت قائد الكتيبة يدخل بسيارته عائداً من أجازة . وكان يحبني وكنت أحبه ولي دلال عليه كبير.
وبمجرد دخوله مكتبه إتصلت عليه.
* حمدا لله على سلامتك يا فندم
* الله يسلمك يا يحي
* في إشارات أجيبها لسيادتك الآن
* تعالى
وذهبت إليه وبعد إستلامه للإشارة . أخبرته بكل ما حدث.
قال خلاص الساعة 7 عندنا إجتماع هشوف الموضوع ده. ولكن إنت غلطان يا يحي. المفروض تنفذ الامر.
* أسف يا فندم بس ده اللي حصل.
* إنصراف إنت الآن
* تمام يا فندم
وفي المساء أخبرني أن المشكلة تم حلها.

وكل عام وأنتم بخير

هناك تعليقان (2):

  1. و أنت بخير يا أخي ..
    ما هذا التوتر !
    توترت و أنا أقرأ ذكريات الجيش هذه .. فكيف كنت أنت فيها ؟
    بس حلوة الحركة اللي عملتها في هذا الضابط سليط اللسان (عشان ماتقولش علم السذاجة لي ينحني) ..

    ردحذف
  2. ما زلت مصر أن علم السذاجة لي ينحني.

    فالمعنى عندى غير المعنى عندك بل إن المعنين على النقيض من بعضهما.

    وكل عام وأنتم بخير

    ردحذف